لم يجرى سوى عدد قليل جداً من الدراسات البيولوجية على نهر الفرات على الرغم من أهميته البيئية والتاريخية. وفي سورية على وجه الخصوص، كان لا بد من إيقاف الكثير من الأبحاث العلمية التي كانت تجري بسبب خطر النزاع، مما أدى إلى فجوة كبيرة في الفهم العام للتنوع البيولوجي للنهر.
تصبح هذه الفجوة المعرفية واضحة عند تفحصالقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. تم تسجيل العديد من الأنواع المائية:
وبكن يبقى مدى التنوع الحيوي الكامل في هذه المنطقة مجهولاً إلى حد كبير. ومن المرجح أن يكون عدد الأنواع المهددة أكبر. صُنفت العديد من الأنواع الموجودة في نهر الفرات على أنها "ناقصة البيانات" في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة نتيجة لنقص الدراسات.
ويمنع غياب البيانات الشاملة تقييم حالة الحفاظ على الأنواع التي تعيش على طول نهر الفرات بشكل دقيق، وبالتالي يعوق تنفيذ تدابير الحماية الفعالة.
صُنف وادي الفرات كمنطقة هامة للطيور، وقد اكتسب ذلك من خلال استيفاء المعايير المعترف بها دولياً للحفاظ على أعداد الطيور. تشمل هذه المعايير عوامل أساسية مختلفة كوجود أنواع الطيور المهددة بالانقراض والأعداد الكبيرة والدور المهم الذي يلعبه الوادي في دورة حياة هذه الطيور، ويشمل ذلك أنشطة التكاثر والتغذية والهجرة.
وترتبط حالة المنطقة كمنطقة مهمة للطوير بالدور الحاسم الذي يلعبه نهر الفرات في مسار هجرة الطيور بين شرق أفريقيا وغرب آسيا، وهو أحد أهم ممرات هجرة الطيور على كوكب الأرض. ويعد نهر الفرات نقطة توقف رئيسية خلال الرحلة، إذ يوفر طعاماً وفيراً ومأوى وبيئة مناسبة للتكاثر. تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 280 نوعاً مختلفاً من الطيور تستريح على طول نهر الفرات خلال رحلاتها، ومن هذه الطيور طائر هازجة قصب البصرة المستوطن وطائر الثرثارة الخوزية ونصف طيور الشرشير المخطط في العالم.
ولكن مسار الهجرة بين شرق أفريقيا وغرب آسيا ومواقعه الرئيسية (بما في ذلك نهر الفرات) يواجه الآن تحديات بيئية كبيرة.
هناك شيء واحد مؤكد على الرغم من محدودية البيانات: تواجه منطقة الفرات مجموعة من التحديات التي تهدد تنوعها الحيوي. العديد من هذه التحديات مترابطة وتقوض شبكة العلاقات المعقدة بين النباتات والحيوانات والعمليات البيئية في المنطقة.
يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس، مما يؤدي إلى تغيير الدورة الهيدرولوجية في المنطقة. ويعني هذا، إلى جانب تأثيرات تطور والطاقة المائية، أن الكميات الكافية من المياه عالية الجودة أصبحت أكثر ندرة. ويضيف إزالة الغابات والنزاع مزيداً من التوتر عن طريق الإضرار المباشر بالكائنات الحية وتدهور جودة الموائل.
ومن شان هذه التغييرات أن تعطل توازن النظم البيئية الحساس وتسبب تحولات في توزيع الأنواع وأنماط الهجرة التقليدية. وتضع هذه الاضطرابات قدراً كبيراً من الضغط على كل من الأنواع المائية والبرية، ولا سيما تهديد بقاء تلك التي تعتمد على البيئات الغنية بالمياه.
على سبيل المثال، كان لبناء السدود تداعيات متنوعة على الأنواع الحية كسلحفاة الفرات الطرية وأنواع الأسماك المختلفة. كما أن الطبيعة المترابطة للأنهار تعني أن الأنشطة التي تتم عند المنبع تؤثر على التنوع الحيوي عند المصب. مثلاً، من شأن الأنشطة عند المنبع مثل الممارسات الزراعية وبناء منشآت الطاقة الكهرومائية ونقص معالجة تلوث المياه أن تؤثر على المستنقعات والأراضي الرطبة على طول النهر كالأهوار التي تعتبر أكبر نظام دلتا داخلي في العالم وموقع للتراث العالمي لدى اليونسكو.
ويمنع غياب البيانات الشاملة تقييم حالة الحفاظ على الأنواع التي تعيش على طول نهر الفرات بشكل دقيق، وبالتالي يعوق تنفيذ تدابير الحماية الفعالة.
وتتباين مياه البحيرة الصافية قليلة التغذية بشكل صارخ مع محيطها القاحل، ولكنها غنية بالطيور. كما تشكل موطناً حيوياً للطيور المهاجرة، وتوفر أماكن أساسية لفصل الشتاء ومواقع الجثوم. ومن الجدير بالذكر أن البحيرة تستضيف أعداداً كبيرة من الطيور البرية المهاجرة وتجتذب أنواعاً مثل الوزة الغراء والشهرمان الشائع والبط البري التي تتغذى على السهوب المجاورة. أما المناطق ذات الأهمية الخاصة لمراقبة الطيور والبحوث البيئية فهي الضفة الغربية للبحيرة وكذلك الركن الجنوبي الشرقي. مرة أخرى، ما هي القيمة التي ستوفرها مياه بحيرة الفرات في لمناطق المصب؟